قبل عدة سنوات في فترة دراستي الجامعية عملت كموظف مبيعات في أحدى المحلات التي تقوم ببيع طائرات الدرون (وقتها كانت بداية انتشارها ولم تكن معروفة على نطاق واسع).
عملي باختصار كان يقوم على شرح مميزات الطائرات المعروضة ومحاولة بيع أكبر قدر ممكن لأن بيئة العمل كانت تنافسية للغاية وكانت توجد هناك عمولة تحفيزية لكل شخص يتعدى الهدف المخصص له. كل شيء كان يدور بشكل سلس و روتيني حتى قدوم موسم الأعياد في نهاية شهر نوفمبر واقتراب موعد الـ Black Friday أو يوم الجمعة السوداء.
لمن لا توجد لديه خلفية عن يوم الجمعة السوداء، هو يوم في نهاية شهر نوفمبر تقوم به أغلب المحلات بتقديم عروض وتخفيضات على كل أو أغلب منتجاتها حتى تجذب المستهلكين و يُعتبر يوم الجمعة السوداء هو بداية موسم التبضع لأعياد نهاية السنة في الولايات المتحدة.
قبل هذا اليوم بعدّة أيام، أتى مدير المتجر إلينا وأخبرنا عن الأسعار التي سيتم عرضها ليوم الجمعة السوداء. المثير للاهتمام أن الأسعار التي قام المدير بوضعها هي أغلى من الأسعار التي كنا نبيعها في الأيام العادية لكن طُلب مننا تقديمها وعرضها على أنها “خصومات خاصة” ليوم الجمعة السوداء.
على سبيل المثال:
طائرة قيمتها في أي يوم عادي هو 120 دولار، تم تغيير سعرها الخاص ليوم الجمعة السوداء على أنها 140 دولار والكتابة على أنها 200 دولار في الأيام العادية ولكن 140 دولار هو السعر الخاص لهذا اليوم.
طبعاً النتيجة أن مبيعاتنا كانت مرتفعة جداً في هذا اليوم لأن الشخص العادي عندما يرى سعر الخصم ويعتقد أنه سيقوم بتوفير 60 دولار يقوم بالشراء فوراً بدون علمه أن السعر في الحقيقة أغلى من السعر في الأيام العادية لكنه في الغالب لن يدخل المتجر في الأيام العادية فهو لن يعلم. هذا الأمر لم يكن محصوراً علينا بالطبع، العديد من المتاجر في ذلك اليوم تفعل الشيء نفسه وتفعله أيضاً على مدار السنة.
هل هو عمل أخلاقي أم لا؟ هذا موضوع آخر ومتشعب، لكن إن أردت معرفة المزيد هناك مقالات وبحوث كثيرة تتعلق بهذا الأمر وتدخل فيما يسمى “سلوك المستهلك” أو “سيكولوجية المستهلك”